نظرة شاملة على السياسة النقدية وأسعار الفائدة والدولار الكندي: ما الذي ينتظرنا؟

نظرة على السياسة النقدية، أسعار الفائدة، والدولار الكندي
في فبراير الماضي، أصدر بنك كندا ملاحظة تحليلية تتناول السياسة النقدية وأسعار الفائدة والدولار الكندي. هذه الملاحظة استعرضت التطورات النقدية الأخيرة وتأثيراتها على الدولار الكندي.
تشير الملاحظة إلى أن السياسات النقدية المتباينة في الآونة الأخيرة، حيث تظل أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مرتفعة بينما تنخفض في كندا، قد ساهمت في انخفاض قيمة الدولار الكندي. ويرجع ذلك جزئيًا إلى وجود علاوة مخاطر إضافية وسط حالة من عدم اليقين العالمي. ومع ذلك، بينما تلعب هذه العوامل قصيرة الأجل دورًا مؤثرًا، فإن القيمة طويلة الأجل للعملة ستحددها أساسيات أبطأ حركة مثل الإنتاجية وبنية الاقتصاد والسياسات المالية واتجاهات التضخم على المدى الطويل.
تباين أسعار الفائدة
في عام 2024، بدأت كندا والولايات المتحدة اتباع مسارات نقدية مختلفة. رغم أن كلا البلدين بدأ بأسعار فائدة مشابهة، إلا أن التوقعات سرعان ما تغيرت. من المتوقع أن تبقى أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة بينما يُتوقع انخفاض الأسعار في كندا. بحلول نهاية عام 2025، تشير التقديرات إلى أن الأسعار الكندية قد تصل إلى حوالي 2.5% إلى 2.6% مقارنةً بحوالي 3.75% إلى 3.92% في الولايات المتحدة؛ مما يعكس تباعداً يزيد عن نقطة مئوية واحدة.
تأثير سعر الصرف
ساهم الفرق بين أسعار الفائدة بشكل كبير في انخفاض قيمة الدولار الكندي بشكل ملحوظ؛ حيث انخفض الدولار الكندي بنسبة تقارب 7.7% مقابل الدولار الأمريكي خلال عام 2024 - وهو أكثر مما يمكن تفسيره بفارق سعر الفائدة فقط. هذا الانخفاض الإضافي مدفوع بعلاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون كمكافأة أعلى عن المخاطر المحتملة التي يرونها في الأسواق الدولية.
علاوة المخاطر وعدم اليقين السوقي
لقد زادت حالة عدم اليقين العالمية والتجارة الدولية المتقلبة من علاوة المخاطر المدمجة ضمن سعر الصرف؛ مما يعني أنه بالإضافة للاختلافات بين أسعار الفائدة هناك ضغط إضافي على الدولار الكندي بسبب القلق السائد لدى الأسواق.
السياق التاريخي وآفاق المستقبل
على مر الزمن، كانت الاختلافات بين مسارات أسعار الفائدة الأمريكية والكندية تميل عادةً للزوال مع حل المخاطر والشكوك الكبرى؛ إذ تلعب عوامل أخرى عادةً ما تكون بطيئة الحركة وصعبة الكشف دوراً أكبر في تحديد قيمة العملة:
- الإنتاجية وتركيبة النشاط الاقتصادي الحقيقي
- السياسات المالية والتجارية
- معدلات التضخم على المدى الطويل
شهدنا تقلبات كبيرة للدولار الكندي خلال فترتين بين عامي 2004 و2014 (باستثناء الأزمة المالية العالمية لعامي 2008-2009). ففي الفترة من 2004 حتى 2008 ارتفع الدولار الكندي من70 سنتاً أمريكياً ليصل إلى دولار واحد أمريكي, بينما انخفض مرة أخرى من دولار واحد أمريكي حتى حوالي75 سنتا أمريكيا بين عامي2013 و2015.
في كلتا الحالتين كانت شدة التقلبات أكبر بكثير مما يمكن تفسيره بتباعد السياسات أو تغييرات علاوة مخاطر سعر الصرف وحدها؛ إذ تتطلب مثل هذه التحركات الكبيرة تغييرات جذرية في العوامل الأساسية مثل اختلاف الإنتاجيات وبنية الاقتصاد وغيرها من الخصائص طويلة الأمد لكل اقتصاد.
تشير التقلبات التي حدثت بين عاميّ2004 و2014 لأهمية تلك العوامل الأساسية: فقد أدت الاستثمارات الأجنبية الكبيرة بقطاع النفط والغاز بكندا خلال تلك الفترة لتعزيز تكوين رأس المال الإجمالي وأحدثت ابتكارات خفضت تكاليف الاستخراج, وهو تغيير لم نشهده بعدُ بالولايات المتحدة, الأمر الذي حسّن شروط التجارة لكندا وقوّى عملتها لعدة سنوات متواصلة.
بينما تشير أسواق المال واستطلاعات توقعات المحللين لوجود فجوة مستمرة بين معدلات سياسة الأسعار للفوائد بكندا والولايات المتحدة والتي ستستمر بالتأثير على الدولارالكندى, إلا أنه وفقًا للملاحظات التحليلية لبنك كندا فإن التأثير المتوقع سيكون معتدلاً.
حاليًا تلعب تعويض مخاطر المستثمرين الأجانب دورًا أكبر فى إضعاف العملة المحلية, بالإضافة لتغير هيكلي مثل تسارع الاستثمار ونمو الإنتاجية بالولايات المتحدة والذي قد يعزز بدوره قوة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى بما فيها الدولا رالكندى . لذا يعد مراقبة هذه العوامل طويلة الأمد أمر بالغ الأهمية لفهم المسار المستقبلي للدولارالكندى.